جوزيف منصف لـ”أحوال”: أعتزّ بهدفي مع “الراسينغ” في مرمى منتخب البرازيل
كان “جوزيف منصف” واحدًا من أبرز المهاجمين الذين مرّوا على فريق “الراسينغ” في فترة السبعينيات، ولعب في فترة ما قبل الحرب الأهلية وما بعدها؛ يملك حسًّا “تهديفيًا” ويُعتبر من اللاعبين المبدعين داخل منطقة الجزاء، إلا أنهه اضطر إلى ترك فريقه ولبنان مطلع الثمانينات، واختار طريق الهجرة قاصدًا السويد بحثًا عن حياة أفضل، حيث لا يزال فيها حتى اليوم.
يبدأ منصف حديثه لـ”أحوال” قائلًا: “أنا من مواليد الأول من تموز/يوليو 1954، بدأتُ مداعبة الكرة منذ نعومة أظفاري في منطقتَي فرن الشباك وعين الرمانة، حيث كنتُ في الخامسة من عمري؛ في سن الـ11 تركتُ المدرسة واستهوتني كرة القدم أكثر فأكثر، فلعبتُ مع “نادي الشرق” ثم فريق “دينامو”، وكنتُ متأثرًا ببعض اللاعبين أمثال ميشال سعد والياس الشرتوني وعبدو الأشقر”.
ويتابع: “وفي مطلع السبعينات، وقّعتُ لنادي “الراسينغ”، أحد أبرز نوادي الدرجة الأولى آنذاك، بتوجيه من ميشال سعد الذي اكتشف موهبتي ونصحني باللعب مع نادي “القلعة البيضاء”. وبالفعل تواصل رئيس النادي التاريخي، جوزيف أبو مراد، مع إدارة “دينامو”، وتم انتقالي رفقة زملائي طوني عيد وإيلي خوري ويوسف كنعان، وسرعان ما اندمجتُ مع رفاقي الجدد رغم صغر سني، حيث كنتُ في الـ17 من عمري حينها، فكنتُ من البارزين في خط الهجوم”، مضيفًا: “وأذكر تمامًا أول مباراة لي، كانت ضد “الرياضة والأدب” في طرابلس عام 1972، ويومها فزنا بهدفٍ نظيف كان لي الشرف بتسجيله، فراحت الصحف من ذلك الحين تكتب عني، وذاع صيتي بين الجماهير”.
وانطلاقًا من ذلك، يروي منصف لموقعنا: “لعبتُ مع “الراسينغ” بإخلاص وشرف، وكنتُ من اللاعبين الذين يبذلون جهدًا مضاعفًا في الملعب؛ ولكن الحرب الأهلية للأسف حدّت من طموحاتي، ومع تدهور الأحوال فكّرت بالابتعاد عن اللعبة والبلد واخترتُ السويد، وبالفعل عندما وصلت هناك عام 1983، فكرتُ باللعب مع أحد النوادي ولكنني لم أستطع مجاراة اللاعبين السويديين بسبب شدة البرودة والثلوج التي تغطي الملاعب، إذ لم أكن قد اعتدتُ على مثل هذه الأجواء في بلدي، إضافة إلى القلق الدائم الذي أحمله في عقلي عن أوضاع بلدي الذي يرزح تحت أتون الحرب، فلعبتُ فترة سنة ونصف ثم انطلقتُ لأشقّ طريقي في ميدان العمل”.
الهدف في شباك البرازيل
لا يزال منصف يذكر تمامًا المباراة التاريخية التي لعبها مع فريقه أمام منتخب البرازيل للشباب عام 1978 على ملعب بلدية برج حمود، بحضور كبار المسؤولين والشخصيات، وفي مقدمتهم “الشيخ بيار الجميل”، حيث سجّل منصف يومها هدف الفوز الوحيد والغالي. وعن تلك اللحظة يقول لـ”أحوال”: “كانت من أجمل اللحظات التي عشتها أمام جمهور ملأ مدرجات الملعب منذ الصباح، وفي اليوم التالي قام بيار الجميل بتكريمي بحضور رئيس النادي “إيلي كوبلي”؛ وأذكر أن المسؤولين عن المنتخب البرازيلي طلبوا إعادة المباراة مقابل مبلغ 10 آلاف دولار، ولكن إدارة “الراسينغ” رفضت حفاظًا على هذا الفوز التاريخي، كما رفضت طلب رئيس البعثة التحاقي بالمنتخب البرازيلي لمشاركته في جولة عربية، ومن ثم سفري معهم إلى البرازيل ليصار إلى تقديم عرض لي لألعب مع أحد النوادي هناك”.
وفي هذا الخصوص، يلفت منصف إلى أنه في بادئ الأمر لم يكن على علم بما حدث، ولكنه عرف بذلك بعد فترة قصيرة، وفهم كيف سارت الأمور “من تحت الطاولة” بطلب من “جوزيف أبو مراد”، الأمر الذي أثّر “سلبًا على نفسيته”، على حد قوله، مضيفًا: “ففرصة اللعب في البرازيل هي من الأمور الرائعة، إذ عرض البرازيليون دفع عشرة آلاف دولار للنادي، وخمسة آلاف دولار لي، إلا أن أبو مراد كان بحاجة ماسة إلى مهاجم هدّاف في الفريق، فأوقف العملية”.
وفي العام التالي 1979، يتابع منصف، “دخلتُ القفص الذهبي، وبعدها مرّت العلاقة بيني وبين الإدارة ببعض الفتور، فصرتُ أتغيّب عن التمارين حينًا ولا أشارك في بعض المباريات حينًا آخر، كما أنّني تلقّيتُ عرضًا من فريق “النصر دبي” لكنني تردّدت بالسفر إلى هناك”.
محطات وذكريات
أما أبرز الذكريات التي لا تغيب عن بال منصف، فيقول: “أذكر أول مباراة خارجية لي عام 1971 مع منتخب بيروت، ويومها تعادلنا مع منتخب دمشق بهدف لمثله في سوريا؛ ومن الرحلات الجميلة أيضًا، كانت رحلة كوريا الجنوبية حين لعبنا في بطولة كأس رئيس الجمهورية عامي 75 و78، وكان معروفًا عنّي أنني أضفي جوًا من المرح والمزاح داخل معسكر المنتخب وفي الفندق. وفي إحدى هاتين الرحلتين إلى كوريا، قمتُ وزميلي “حسن عبود” بإلقاء مفرقعات داخل الفندق، فحضرت الشرطة وطلبت نقل البعثة اللبنانية إلى فندق آخر، علمًا أننا قمنا بهذا الأمر بداعي المزاح والتسلية، ولم نكن نعلم أن أفرادًا من الشرطة سيحضرون إلى الفندق”.
من جهة أخرى، يتابع جوزيف منصف بالقول: “من الأهداف التي لا أنساها مع “الراسينغ” خلال رحلة إلى رومانيا منتصف السبعينات، يوم فزنا على “ستيوا بوخارست” 2-1 في عقر داره، وسجّل زميلي “طوني جريج” الهدف الثاني؛ كما أذكر تمامًا رحلة الوفاق إلى أفريقيا بالتفاهم مع “نادي النجمة” ومجاورتي لاعبين فنانين أعتزّ بهم، أمثال حسن شاتيلا وجمال الخطيب ومحمد حاطوم وسواهم؛ كما أعتزّ بأن كبار المدربين أشرفوا علي في مسيرتي، أمثال الروماني “بوغدان” الذي كانت له اليد الطولى بضمّي إلى “القلعة البيضاء”، إضافة إلى سمير العدو “أبو علي” وجوزيف أبو مراد وعدنان الشرقي”.
ويختم منصف حديثه لموقعنا متوجّها بالشكر والتقدير إلى رئيس الاتحاد اللبناني “هاشم حيدر”، الذي يقدّم كل ما لديه من أجل النهوض باللعبة على الرغم من الظروف القاسية؛ كما لا يسع منصف توجيه التحية الأكبر إلى نائب الرئيس “ريمون سمعان”، الذي له اليد الطولى في رعاية ومساعدة والده وشقيقته المريضين في لبنان، ويأمل ختامًا أن تسمح له الظروف بزيارة لبنان بعد غياب 37 عامًا، وملاقاة من بقي من رفاق الدرب في “الراسينغ” الذي يتابع أخباره عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويتمنى له أن يعود إلى سابق أمجاده.
سامر الحلبي